ملتقى التاريخ و الجغرافيا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى التاريخ و الجغرافيا

ملتقى اساتذة االتاريخ و الجغرافيا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 8 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 8 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 201 بتاريخ الإثنين مايو 28, 2012 4:47 pm
المواضيع الأخيرة
» عرض تحت عنوان: مقومات الاقتصاد الياباني
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 07, 2020 5:01 pm من طرف hassa2008

»  حصريا عرض Power Point القضية الفلسطينية
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالخميس فبراير 06, 2020 10:57 pm من طرف أبو محيي الدين

»  حصريا عرض Power Point سقوط لاٍمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالإثنين مارس 11, 2019 8:33 pm من طرف أبو محيي الدين

» مساھمة المغرب في الحرب العالمیة الثانیة
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 10, 2018 8:34 pm من طرف أبو محيي الدين

» المغرب تحت نظام الحماية
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 05, 2018 8:17 pm من طرف أبو محيي الدين

» الجغرافية السياسية
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالسبت أغسطس 18, 2018 11:08 am من طرف اسعد المحنه

»  حصريا عرض Power Point الحرب العالمية التانية نسخة جديدة 2015
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالإثنين أبريل 23, 2018 10:03 pm من طرف أبو محيي الدين

»  خرائط درس الولايات المتحدة من انجازي
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالخميس مارس 22, 2018 8:10 pm من طرف أبو محيي الدين

»  Power Pointعن الاتحاد الأوربي : نحو اندماج شامل من انجازي
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالجمعة مارس 09, 2018 10:22 pm من طرف teacher

المواضيع الأكثر نشاطاً
الإتحاد الأوروبي Powerpoint
حصريا PPT خريطة التفاعلات الاقتصادية بجنوب شرق اسيا
ما خلف ستار الحروب العالمية youtube
سلسلة دروس Microsoft Excel
خريطة : الإنتاج الفلاحي بالولايات المتحدة الأمريكية ppt
السلسلة الأولى من الحرب العالمية الثانية النازيّون تحذير من التاريخ.
حصريا عرض Power Point الحرب العالمية التانية نسخة جديدة 2015
مظاهر التحول في أروبا الرأسمالية خلال ق19
فرض الجذوع علمية
Power Pointعن الاتحاد الأوربي : نحو اندماج شامل من انجازي
المواضيع الأكثر شعبية
توظيف الخط الزمني في درس التاريخ
جدادة الدرس 1 في مادة الجغرافيا جدع مشترك علمي
( نموذج تخطيط وإعداد الدرس)
سلسلة دروس Microsoft Excel
الإتحاد الأوروبي Powerpoint
فرض محروس في مادة الاجتماعيات الجذع مشترك آداب
فرض محروس في مادة الاجتماعيات - السنة أولى باك علوم
الأطر المرجعية لمواد الامتحان الوطني الموحد والامتحان الجهوي الموحد الخاص بالمترشحين الأحرار لمادتي التاريخ والجغرافيا.
كيفية عمل عرض و تحريك الصور في برنامج Microsoft PowerPoint النسخة العربية 2003
الوضعية التعليمية (apprentissage‘situation d )
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1555 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو amer فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 1009 مساهمة في هذا المنتدى في 780 موضوع

 

 الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
youssri
Admin
youssri


عدد المساهمات : 747
تاريخ التسجيل : 21/02/2010

الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Empty
مُساهمةموضوع: الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل   الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل Icon_minitimeالأحد مارس 21, 2010 12:13 pm

الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل

إسثير فيفاس


"الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل"، مقال ل"إسثير فيفاس" عضوة مركز الدراسات للحركات الاجتماعية، نشر باللغة الإنجليزية بمجلة "وجهة نظر أممية International Viewpoint" الإلكترونية عدد 419IV - دجنبر 2009، تناولت فيه الكاتبة بالدراسة و التحليل الأسباب و النتائج و البدائل للأزمة الغذائية. سنحاول استعراض و تلخيص مجمل الأفكار التي تطرقت لها "إسثير فيفاس" في مقالتها حول الأزمة الغذائية، و ذلك لما يكتسيه الموضوع من راهنية و أهمية لفهم أوجه الهجوم النيوليبرالي على قوت الشعوب و البدائل الممكنة.

القسم الأول:

- الأزمة الغذائية

- الأسباب ذات المدى القصير

- الأسباب الهيكلية

- من البلدان المصدرة إلى المستوردة

- حالتي هايتي و المكسيك

تحتكر الشركات العابرة للأوطان النموذج الغذائي الحالي، و تضع مصالحها الاقتصادية فوق مصلحة الجماهير و المجتمع. فلم يعد النظام الغذائي اليوم يستجيب لحاجات الناس و لا للإنتاج المستديم القائم على احترام البيئة، لكنه يقوم على نموذج متجذر في المنطق الرأسمالي بالسعي للحصول على أقصى قدر من الأرباح بتدبير أمثل للتكاليف و استغلال للقوى العاملة في كل القطاعات الإنتاجية. لقد تمت خوصصة و سرقة المواد الأولية المشتركة مثل الماء و البذور و الأرض التي كانت لقرون في ملكية المجتمعات المحلية، و تحويلها إلى عملة صرفة تحت رحمة من يدفع أعلى سعر.

أخذت الحكومات و المؤسسات العالمية تنحني لخطط الشركات العابرة للأوطان، و تتواطىء معها في ظل نظام غذائي إنتاجوي غير مستديم و مخوصص. إن "القلق" المزعوم لهذه الحكومات و المؤسسات (G8 ، منظمة التجارة العالمية ، والبنك الدولي …) من الزيادة في سعر المواد الغذائية الأساسية و تأثيرها على الفئات الأكثر حرمانا في بلدان الجنوب، يكشف فقط نفاقهم العميق لصالح النموذج الزراعي و الغذائي الذي يجلب لهم فوائد اقتصادية مهمة. هكذا نموذج يستخدم كأداة استعمارية للهيمنة السياسية و الاقتصادية و الإجتماعية من طرف القوى الاقتصادية الكبرى في الشمال، كالولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي و شركاتها متعددة الجنسية، على بلدان الجنوب.

الأزمة الغذائية

تبرز حالة الأزمة الغذائية خلال عامي 2007 و 2008، التي شهدت زيادة حادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية، الضعف الشديد للنموذج الزراعي و الغذائي الحالي. فقد وصل عدد الجياع بالعالم إلى 925 مليون جائع حسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، بعد أن كان 850 مليون عام 2007. و سيرتفع هذا الرقم إلى 1.2 مليار جائع في عام 2017 حسب وزارة الزراعة الأمريكية. لكن في الواقع، إن الأزمة الغذائية الحالية هي بالفعل تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على نصف ساكنة العالم أي أكثر من ثلاثة مليارات نسمة، و إن أسعار المواد الغذائية لم تتوقف عن الصعود أبدا. فقد كان هناك ارتفاع بنسبة 12% من عام 2005 إلى 2006 و 24% سنة 2007، ثم زيادة بنسبة 50% في يناير و يوليوز 2008 حسب مؤشر أسعار المواد الغذائية لمنظمة الفاو. أما الأرقام الصادرة عن البنك الدولي فتنحو نفس الاتجاه حيث زادت الأسعار بنسبة 83% في السنوات الثلاث الماضية. خضعت الحبوب والمواد الأساسية الأخرى، التي تستهلكها شرائح واسعة من السكان خاصة في بلدان الجنوب (القمح والصوجا والزيوت النباتية والأرز…)، لأكبر الزيادات. فإرتفع ثمن القمح بنسبة130% و الصوجا ب87% و الأرز ب74% و الذرة ب31%. و رغم التقديرات الجيدة حول منتوج الحبوب،تتوقع منظمة الفاو بقاء أسعار الحبوب مرتفعة في السنوات المقبلة. و نتيجة لذلك ستظل البلدان الفقيرة تعاني من آثار الأزمة الغذائية.

في ظل هكذا وضع، لا غرابة أن تكون هناك احتجاجات ضد الجوع في مجموعة من بلدان الجنوب، كهايتي و باكستان و الموزمبيق و بوليفيا و المغرب و المكسيك و السينغال و أوزبكستان و بنغلاديش و النيجير، حيث خرج الناس إلى الشارع في شكل احتجاجات خلفت عشرات القتلى و الجرحى ليقولوا "كفى". تذكرنا هذه الانتفاضات بما حدث في ثمانينيات و تسعينيات القرن العشرين في بلدان الجنوب ردا على سياسات التقويم الهيكلي التي فرضها كل من البنك العالمي و صندوق النقد الدولي. الأسباب، مرة أخرى، هي ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقل والخدمات العمومية التي تجعل الأوضاع المعيشية لغالبية شعوب هذه البلدان متردية، و تجعل كفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة أصعب. التاريخ يعيد نفسه والسياسات النيوليبرالية لا تزال تخلف ملايين الجياع.

لا يكمن المشكل اليوم في نقص الغذاء و لكن في العجز عن الوصول إليه. في الواقع، تضاعف إنتاج الحبوب ثلاث مرات منذ 1960 في حين أن عدد السكان على الصعيد العالمي قد تضاعف مرتين فقط. لم يشهد التاريخ هذا القدر الكبير من المواد الغذائية كما الحال اليوم في 2008. ولكن الزيادة في أسعار المواد الغذائية جعلت ملايين الناس ببلدان الجنوب، الذين ينفقون 50 إلى 60 ٪ من دخلهم في شراء المواد الغذائية (قد تبلغ هذه النسبة 80 ٪ في البلدان الأكثر فقرا)، عاجزين عن الوصول إليها.

الأسباب ذات المدى القصير

هناك أسباب ظرفية تفسر جزئيا هذه الزيادة الكبيرة في الأسعار في السنوات الأخيرة. فالجفاف وغيره من الظواهر الجوية المرتبطة بتغير المناخ في بلدان منتجة مثل الصين وبنغلاديش واستراليا أثرت على المحاصيل، و ستواصل التأثير على إنتاج المواد الغذائية و زيادة استهلاك اللحوم خاصة في بلدان أمريكا اللاتينية وآسيا بسبب تغير في عادات الأكل (وفقا لنموذج الاستهلاك الغربي) و التسهيلات المضاعفة في تسمين الماشية. و ستضطر البلدان التي كانت حتى الآن تتميز بالإكتفاء الذاتي، مثل الهند وفيتنام والصينـ إلى إستيراد الحبوب بسبب فقدان الأراضي المزروعة و انخفاض مخزونات الحبوب في الأنظمة الوطنية التي تم تفكيكها في أواخر التسعينات. يعني أن جميع البلدان تعتمد اليوم بشكل كامل على أسواق الحبوب المتقلبة عالميا. كل هذا يساعد جزئيا على تفسير الأسباب التي أدت بنا إلى هذه الحالة من الأزمة الغذائية، ولكن هذه الحجج الجزئية استخدمت أحيانا لتحويل الأنظار عن الأسباب الرئيسية.

و هناك سببان للأزمة الغذائية قصيرا الأمد يجب تسليط الضوء عليهما: الزيادة في أسعار النفط و تزايد الاستثمار المضارب في المواد الخام. كلا العاملين أخلا في النهاية بتوازن النظام الزراعي الغذائي الذي كان هشا للغاية.

أدت الزيادة في أسعار النفط، المتضاعفة في عامي 2007 و 2008، والمتسببة في ارتفاع كبير في أسعار الأسمدة والنقل المرتبطة بالنظام الغذائي، إلى زيادة الاستثمار في إنتاج أنواع الوقود البديلة من أصل نباتي.و قامت الحكومات في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والبرازيل بدعم انتاج الوقود الزراعي نظرا لندرة النفط و ارتفاع درجة حرارة الارض. لكن إنتاج هذا الوقود الاخضر يدخل في منافسة مباشرة مع إنتاج الغذاء. فقد استخدمت الولايات المتحدة في عام 2007 20 ٪ من إجمالي إنتاجها للحبوب في انتاج الايثانول و ستصل النسبة هذه إلى 33 ٪ في العقد القادم.

اعترفت منظمة الفاو في أبريل 2008 بأنه من المرجح جدا، في المدى القصير، أن يكون للتوسع السريع للوقود الأخضر في جميع أنحاء العالم أثر كبير على الزراعة في أمريكا اللاتينية، و يؤدي تخصيص 5 ٪ من إنتاج العالم من الحبوب لإنتاج الوقود الزراعي مباشرة إلى زيادة في أسعار الحبوب. وبقدر ما يتم تحويل الحبوب مثل الذرة والقمح و الصوجا إلى وقود زراعي، ينخفض إمداد السوق بالحبوب وبالتالي ارتفاع أسعارها. حسب وزارة الزراعة في الولايات المتحدة، أدى إنتاج الوقود الزراعي إلى رفع أسعار الحبوب بما بين 5 و 20 ٪. أما المعهد الدولي لأبحاث السياسة الغذائية فيرى أن الرقم هو حوالي 30 ٪ ، فيما يقول تقرير البنك العالمي أن من شأن إنتاج الوقود الزراعي أن يؤدي إلى رفع ٍ أسعار الحبوب بنسبة 75 ٪ .

يكمن السبب الظرفي الآخر، الواجب أخذه بعين الاعتبار بوصفه مولدا من هذا الارتفاع في الأسعار، في تزايد الاستثمار المضارب في المواد الخام منذ انهيار أسواق الدوت كوم و العقارات. بعد انهيار سوق الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة، سعت المؤسسات الاستثمارية (البنوك وشركات التأمين وصناديق الاستثمار…) وغيرها لتكون أكثر أمانا وفعالية من حيث التكلفة لاستثمار أموالها.

يقدر اليوم أن جزءا كبيرا من الاستثمارات المالية في القطاع الزراعي لها طابع مضارب. فقد ترتفع، وفقا لأكثر البيانات تحفظا، إلى 55 في المائة. و بلغ حجم التداول المستوى الذي يزيد من تعميق تحرير الإنتاج الزراعي. و تشير دراسة قام بها ليمان براذرز إلى أن مؤشر المضاربة في المواد الخام ارتفع، منذ عام 2003 بنسبة 1,900٪.

الأسباب الهيكلية

ثمة وراء هذه العناصر قصيرة الأمد أسباب هيكلية تفسر عمق الأزمة الغذائية الحالية. إذ تتحمل السياسات النيو-ليبرالية المطبقة بشكل عشوائي طيلة السنوات الثلاثين الماضية على نطاق الكوكب (تحرير التجارة في جميع الجوانب، تسديد الديون الخارجية لبلدان الجنوب، خوصصة الخدمات العمومية والسلع …) و النموذج الزراعي والغذائي الذي يخدم منطق الرأسمالية، المسؤولية الأولى عن الأزمة الغذائية الحالية. في الواقع، لدينا مشكلة نظامية أعمق مع النموذج الغذائي العالمي الذي هو أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية والايكولوجية والاجتماعية.

أدت السياسات "التنموية" الاقتصادية التي تقودها بلدان الشمال منذ الستينيات (الثورة الخضراء، برامج التقويم الهيكلي، اتفاقيات التجارة الحرة الاقليمية، منظمة التجارة العالمية، و الإعانات الزراعية في الشمال) إلى تدمير الأنظمة الغذائية.

بين الستينات و السبعينات، وقع ما يسمى ب"الثورة الخضراء" التي تروج لها مختلف المؤسسات الدولية ومراكز الأبحاث الزراعية بهدف "نظري" يتمثل في تحديث الزراعة في البلدان غير الصناعية. فكانت النتائج المبكرة في المكسيك، و في وقت لاحق في جنوب شرقي آسيا، مذهلة من وجهة نظر الإنتاج للهكتار الواحد، ولكن هذه الزيادة في المحصول لم يكن لها تأثير مباشر في الحد من الجوع في العالم. وهكذا، رغم ارتفاع الإنتاج الزراعي العالمي بنسبة 11 ٪، تزايد عدد الجوعى في العالم أيضا بنسبة 11 في المائة، من 536 إلى 597 مليون.

لم تكن الزيادة في الإنتاج، التي كانت في قلب الثورة الخضراء، كافية لتخفيف وطأة الجوع لأنها لم تغير من تركز السلطة الاقتصادية أو الوصول إلى الأراضي أو القوة الشرائية … لا يمكن تقليص عدد الناس الذين يعانون من الجوع إلا بإعادة توزيع القوة الشرائية و الموارد بين أولئك الذين يعانون من سوء التغذية… اذا كان الفقراء لا يملكون المال لشراء المواد الغذائية، فزيادة الإنتاج لن يحل شيئا. ترتبت عن الثورة الخضراء آثار سلبية جانبية على الفلاحين الفقراء والمتوسطين و في المدى الطويل على الأمن الغذائي. زادت هذه العملية، على وجه التحديد، من قوة شركات الأعمال الزراعية في السوق، وتسببت في فقدان 90 ٪ من التنوع الزراعي و البيولوجي، و قلصت بشكل واسع منسوب المياه، وزادت من الملوحة وتآكل التربة، و شردت الملايين من الفلاحين من الريف إلى الضواحي الفقيرة بالمدن. في حين، تفككت النظم الغذائية الزراعية التقليدية التي تكفل الأمن الغذائي.

في الثمانينات و التسعينات، أدى التطبيق المنهجي لبرامج التقويم الهيكلي ببلدان الجنوب بايعاز من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، بقصد تسديد الديون الخارجية، الى مفاقمة الأوضاع المعيشية الصعبة أصلا لجزء كبير من سكان هذه البلدان. يكمن محور الاهتمام الرئيسي لهذه البرامج في إخضاع اقتصاد البلد لسداد الديون من خلال تطبيق مبدأ "تصدير اكثر وانفاق أقل".

تتجلى التدابير الصادمة المفروضة بموجب هذه البرامج في إجبار حكومات الجنوب على سحب دعم السلع الأساسية مثل الخبز والأرز والحليب والسكر، و على خفض حاد للإنفاق العمومي في التعليم والصحة والإسكان والبنيات التحتية. لقد تم فرض خفض قيمة العملة الوطنية و جعل المنتجات أرخص للتصدير و الحد من القدرة الشرائية للسكان المحليين، و تمت زيادة أسعار الفائدة من أجل جذب الرأسمال الأجنبي، وتولدت دوامة مضاربة. و في نهاية المطاف، أدت سلسلة من التدابير إلى إفقار مدقع لمعظم شعوب هذه البلدان.

روجت هذه البرامج،على الصعيد التجاري، الصادرات لتعزيز احتياطيات العملات الأجنبية، وزيادة الزراعات الأحادية لأغراض التصدير والحد من الزراعة للاستهلاك المحلي مع ما يترتب عليه من أثر سلبي على الأمن الغذائي و التبعية للأسواق الدولية. وبالتالي تم تفكيك الحواجز الجمركية، و تسهيل دخول المنتجات عالية الدعم من الولايات المتحدة وأوروبا والتي تباع بأقل من سعر الكلفة، أي بسعر أقل من المنتجات المحلية. و تم تدمير الإنتاج و الزراعة المحليين، فيما جرى فتح أبواب الاقتصاديات بالكامل أمام استثمارات ومنتجات وخدمات الشركات متعددة الجنسية. و جرى توسيع نطاق الخوصصة الشاملة للمؤسسات العمومية، ومعظمها لصالح الشركات متعددة الجنسية بالشمال. وكان لهكذا سياسات أثر مباشر على الإنتاج الزراعي المحلي والأمن الغذائي بترك هذه الدول تحت رحمة السوق و مصالح الشركات العابرة للأوطان والمؤسسات الدولية التي تروج هذه السياسات.

وحدت منظمة التجارة العالمية، التي أنشئت في عام 1995، سياسات برامج التقويم الهيكلي عن طريق المعاهدات الدولية والقوانين الوطنية لإخضاع مخططاتها. كما وحدت الاتفاقات التجارية التي تديرها منظمة التجارة العالمية، كالاتفاق العام للتجارة و التعريفات الجمركية (GATT) و الاتفاق العام للتجارة و الخدمات (GATS) والاتفاق المتعلق بالجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية (TRIPs)، بقصد مزيد من سيطرة بلدان الشمال على اقتصاديات الجنوب.

أجبرت سياسات منظمة التجارة العالمية البلدان النامية على إلغاء التعريفات الجمركية على الواردات و وضع حد لحماية و دعم صغار المنتجين و فتح حدودها أمام منتجات الشركات العابرة للأوطان، فيما تحظى أسواق الشمال بحماية شديدة. و على نفس المنوال، عمقت المعاهدات الإقليمية، كاتفاق التجارة الحرة لامريكا الشمالية (NAFTA) و اتفاق التجارة الحرة لامريكا الوسطى ((CAFTA، تحرير التجارة. مما أدى إلى إفلاس المزارعين بالجنوب وجعلهم يعتمدون على استيراد المواد الغذائية من بلدان الشمال.

إن الإعانات الزراعية الأمريكية و الأوربية الموجهة بالدرجة الأولى نحو الصناعات الزراعية الغذائية تطمس صغار المنتجين المحليين. هذا الدعم للأعمال الزراعية يحتسب بربع قيمة الإنتاج الزراعي في الولايات المتحدة و 40 ٪ في الاتحاد الأوروبي. المستفيد الرئيسي من هذه المساعدات في الدولة الاسبانية هي الهولدينكات الكبيرة التي تستفيد أكثر من السياسة الزراعية المشتركة للإتحاد الأوربي. و يقدر أن 3.2 ٪ من المنتجين الرئيسيين في اسبانيا يتلقون 40 ٪ من هذه المساعدات المباشرة، في حين أن الهولدينكات العائلية، التي تدعم المناطق الريفية في أوروبا والملايين من المزارعين في الجنوب، لا تملك فعليا أي دعم وتعاني من المنافسة الغير عادلة لهذه المنتجات العالية الدعم.

من البلدان المصدرة إلى المستوردة

قضت هذه السياسات "التنموية"، التي تقودها المؤسسات الدولية وبمباركة من الحكومات و في خدمة الشركات العابرة للأوطان، على نظام الانتاج المحلي المستديم، و استبدلته بنموذج إنتاج غذائي مصنع و مكثف خاضع للمصالح الرأسمالية التي أدت إلى الحالة الراهنة من الأزمة و انعدام الأمن الغذائي.

أصبحت بلدان الجنوب، التي كانت حتى حدود الأربعين سنة الماضية قد حققت الاكتفاء الذاتي و فوائض زراعية تبلغ مليارات الدولار، تعتمد اليوم اعتمادا كليا على السوق الدولية، و تستورد ما معدله 11.000 مليون دولار من المواد الغذائية سنويا. إن زيادة العجز الغذائي بالجنوب يعكس الزيادة في الفوائض الغذائية والتوسع في السوق بالشمال المصنع. في الستينات، على سبيل المثال، صدرت افريقيا 1.300 مليون دولار من الغذاء، و تستورد اليوم القارة 25 ٪ من حاجاتها الغذائية.

حالتي هايتي والمكسيك

كانت هايتي تنتج كل الأرز اللازم لإطعام سكانها، ولكن في منتصف الثمانينات واجهت حالة من الأزمة الاقتصادية الحادة (عندما غادر الدكتاتور جون كلود دوفالييه البلاد و أفرغ خزائنها)، فأخذت تقترض من صندوق النقد الدولي. و بدأت دوامة "الهيمنة" تجر البلد بعمق شديد إلى التبعية السياسية والاقتصادية للمؤسسات المالية الدولية، ولا سيما إزاء الولايات المتحدة.

من أجل هذه القروض اضطرت هايتي إلى تطبيق جملة سياسات تقويم هيكلي وتحرير التجارة وتخفيض التعريفات الجمركية التي تحمي إنتاج المحاصيل بما في ذلك الأرز. أتاح هذا الانفتاح الدخول العشوائي للأرز الأمريكي المدعم و الذي يباع بأقل بكثير من لسعر انتاج المزارعين المحليين له. لقد دخل الأرز المستورد البلاد بسعر أقل، ففقد المزارعون فرص عملهم و نزحوا إلى المدن، وبعد سنوات قليلة انخفض الإنتاج المحلي بشكل خطير. إن ما أدى إلى البؤس المطلق لمعظم فلاحي هايتي هو عجزهم عن المنافسة، و بالتالي تخليهم عن محاصيلهم. اليوم، أصبحت هايتي واحدا من أهم مستوردي الأرز الأمريكى.

في أبريل 2008، ارتفع سعر الأرز و الفاصوليا و الفواكه بأزيد من 50 %، ما أدى إلى جعله خارج متناول غالبية السكان. إذا كانت هايتي تعتبر من أفقر بلدان أمريكا اللاتينية، فأي رهان للولايات المتحدة على سوق الأرز الهايتي؟ يعيش 78 في المائة من سكان هايتي بأقل من دولارين في اليوم، و أكثر من نصف السكان بأقل من دولار واحد، أما متوسط العمر فهو 59 سنة. لكن هايتي،بالنسبة لوزارة الزراعة الأمريكية، هي المستورد الثالث الأكبر للأرز الأمريكي.

يعتبر المكسيك، مهد الذرة، مثالا آخر لفقد السيادة الغذائية. كانت أزمة الخبز في بداية عام 2007، نتيجة ارتفاع كلفة الذرة و زيادة مفاجئة في الأسعار بنسبة 60 ٪، قد جعلت المكسيك على شفا أزمة اقتصادية و أدت إلى تخوف عالمي. إن إعانات الحكومة الأمريكية لإنتاج الوقود الزراعي يظهر أن انتاج الذرة قصد استخراج الايثانول كان أكثر ربحية من إنتاج الأغذية.

لكن أزمة التورتيلا (خبز مكسيكي)، مثل أزمة الغذاء اليوم، لها جذور أعمق و لا يمكن فهمها دون تحليل تأثير سياسات السوق الحرة التي يفرضها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي و واشنطن في السنوات الأخيرة التي حولت اقتصاد المكسيك ليعتمد كليا على استيراد الذرة من الولايات المتحدة.

في آب / أغسطس 1982، أعلنت الحكومة المكسيكية إفلاسها و عجزها على سداد ديونها الخارجية، ولكن وضع الأزمة الاجتماعية والاقتصادية أجبرت الحكومة على إغراق نفسها مع الأبناك التجارية والمؤسسات الدولية. في مقابل الحصول على الأموال لخدمة ديونها، فرض صندوق النقد الدولي والبنك العالمي على المكسيك جملة شروط في إطار برنامج التقويم الهيكلي: فتح الأسواق و إلغاء التعريفات الجمركية و أنظمة الدولة و تقيلص النفقات العمومية و تفكيك نظام الإئتمان الدولتي و وضع حد لخدمات الدولة في جمع و تسويق وتخزين و التأمين على المحاصيل.

تعتبر حالتي هايتي والمكسيك استقراء لكثير من البلدان الأخرى في الجنوب، حيث أن التطبيق المنهجي للسياسات الليبرالية الجديدة في السنوات الأخيرة لم يجهز فقط على نظام الإنتاج الزراعي و الانتاج الغذائي الأصلي بل أيضا على أي نوع من الحماية والدعم للمجتمعات المحلية والصناعات والخدمات العمومية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://histgeo.yoo7.com
 
الأزمة الغذائية: الأسباب، النتائج و البدائل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خريطة الأزمة الكوبية
» خريطة: انتشار الأزمة في العالم الرأسمالي
» الأزمة الاقتصادية العالمية: الجذور – الآفاق – الانعكاسات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى التاريخ و الجغرافيا  :: الفئة الثانية :: 

قسم الـــمـــواضـــيـــع الـــعـــامـــة

-
انتقل الى: