توظيف الخط الزمني في درس التاريخ
تقديــــم :
تكتسي المفاهيم التاريخية أهمية بالغة في العملية التعليمية – التعلمية، فهي أدوات تفكير فعالة مما يجعل منها المفاتيح الأساسية لاكتساب المعرفة التاريخية. ويعد مفهوم الزمن من المفاهيم المركزية في الخطاب التاريخي، ويختلف عن باقي المفاهيم التاريخية بصعوبة إدراكه واكتسابه بالمقارنة مع مفهوم المكان.
ويتعامل مدرس التاريخ ، مثل المؤرخ ، مع مفهوم الزمن باستمرار، إذ ينزلق بسرعة من حاضر إلى ماضي مختلف القدم تبعا للدروس المقررة وللمستويات الدراسية. وإذا كانت التوجيهات التربوية تؤكد على تعلم الزمن التاريخي وتجعله من أولويات الأهداف المتوخاة من تدريسية التاريخ، فإنها لا تبين كيفية اكتساب هذا المفهوم للتلاميذ بشكل ملموس. وبالرغم من ذلك، يلجأ المدرس، أحيانا، لمساعدة تلامذته على فهم وإدراك المراحل التاريخية وتسلسل أحداثها، برسم خط زمني على السبورة، مما يجعل الزمن يتخذ بعدا مجاليا، له بداية و نهاية مفترضة يجسدها سهم موجه orienté .
I – التوظيف الديداكتيكي للخط الزمني:
1 – 1 : مفهوم الخط الزمني وأهدافه :
الخط الزمني هو أداة أساسية لتمثيل الزمن التاريخي وما يرتبط به من أحداث و ظواهر تاريخية، مما يساهم في إنتظامها و مسافتها الكرونولوجية أو تزامنها مما يسهل قراءتها واستيعابها الخط الزمني هو وسيلة لتوضيح/إظهار/ تبيان تسلسل الأحداث وتواليها في الزمن مع إظهار المدة التي تفصل بينها.
ويمكن التمييز بين نوعين رئيسيين من الخطوط الزمنية :
· - البسيط : ويعرف بالخط الكرونولوجي La Frise chronologique ، ويتميز بضعف سمكه ويتضمن أحداثا تاريخية بهدف إبراز تسلسلها والمدد الفاصلة بيـنها. ويلعب بالنسبة لتحديد المواقع الزمنية ما تلعبه الخريطة في التوطين المكاني، لكن وظيفته تقتصر على إظهار تعاقب الأحداث والمدد، ويمكن أن يقوم ، في مستوى أعلى، بوظيفة تحليلية.
· - المركب: وهو اللوحة الكرونولوجية La Fresque chronologique ، التي تشكل نظرة تركيبية حقيقية للتاريخ ، إذ تتجاوز دور الدعامة البصرية لمرور الزمن إلى مستويات المقارنة والتركيب وتقويم التحصيل الدراسي، إلى جانب وظائفها في إبراز وثائر التطور وينمي بناؤها لدى التلاميذ قدرات التحليل ومعالجة المعلومات والتواصل والبحث والإنتقاء والتحويل واستعمال الرموز.
ومن أهداف الإشتغال على الخط الزمني تحقيق عدة أهداف تربوية، وتنمية مجموعة من المهارات والقدرات الفكرية لدى المتعلم :
v على المستوى المعرفي : يساعد الخط الزمني على تحليل وتفسير الظواهر والأحداث التاريخية والمقارنة بينها والتعليق عليها.
v على المستوى المهاري : يساعد إنجاز واستثمار الخطوط الزمنية المتعلم على تصور الأبعاد الزمنية وجمع المعلومات وتنظيمها. ويمكن التمييز بين نوعين رئيسيين من المهارات :
· - مهارات عامة : حيث يمكن الخط الزمني من النشاط العقلي الذي يكتشف ويحلل ويقارن ويستنتج وينتقد. كما يساهم في تنمية الحس الجماعي أثناء الإشتغال عليه.
· - مهارات مرتبطة بطبيعة الفكر التاريخي :
المهـــارات الـرئـيســيــــــة
الـمــهــارات الــثـــانــــويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
كشف الحقيقة التاريخية
* القدرة على استنتاج الحقيقة التاريخية.
* التوصل إلى الحقائق والمفاهيم والتعميمات.
كشف العلاقة بين السبب والنتيجــة.
* تحديد الأسباب والأدلة للحدث التاريخي.
* إظهار العلاقة بين الأحداث التاريخية.
تصنيف الأحداث التاريخية.
توضيح الحدث التاريخي وأهميته ضمن الأحداث الأخرى.
إصدار الأحكام واتخاذ القرارات.
* إتخاذ مواقف من الأحداث التاريخية.
* توجيه أسئلة ناقدة للمادة التاريخية.
v على المستوى الوجداني : يساعد استثمار الخطوط الزمنية في درس التاريخ ، كباقي الوسائط الديداكتيكية الأخرى، على اتخاذ مواقف معينة اتجاه الأحداث موضوع الدراسة.
1 - 2 : مجالات وشروط توظيف الخط الزمني في الدرس التاريخي :
إن المدرس، غالبا ما، يلجأ إلى الإستعانة بالخطوط الزمنية الجاهزة المتضمنة في الكتب المدرسية ، أو برسمها على السبورة لمساعدة التلاميذ على فهم المراحل التاريخية وتسلسل الأحداث، وإدراك مفهوم الزمن التاريخي والمفاهيم المرتبطة به كالتحقيب والكرونولوجيا والحدث والمدة…
ويمكن اعتماد الخطوط الزمنية الجاهزة التي يوفرها الكتاب المدرسي أو من إعداد المدرس، كباقي الوسائل التعليمية، كأرضية لبناء عناصر الدرس أو لتعويض الملخص أو جزء منه. لكن تحقيق الأهداف المرجوة من هذا التوظيف يرتبط بجعل التلاميذ يقومون ببنائها بشكل فردي أو جماعي، إذ تلائم اللوحة المبنية بشكل فردي وظائف المساعدة على تذكر معارف الدرس وتقويم التحصيل، بينما تشكل اللوحات المبنية جماعة داخل الفصل أرضية لإثارة النقاش حول اختيار العناصر الرئيسية.
v ويمكن بناء أو استعمال الخط الزمني الجاهز في عدة لحظات من الدرس:
· - في تقديم الدرس : إذ يستطيع خط مكتمل البناء أن يعطي نظرة شاملة على مرحلة تاريخية معقدة، وأن يوفر ارضية للحوار حول المراحل التي لا تتوفر للتلاميذ عنها إلا معارف نادرة أو منعدمة، إذ بثير إنتباههم وتحفزهم على المشاركة الفعالة.
· - أثناء تحليل عناصر الدرس: لتحديد و استنتاج المعلومات الرئيسي والمساعدة على اكتساب المعارف، بهدف إستخلاص مضامين الدرس عن طريق تعبئته بالتدريج، ويمكن أن يعوض كل الملخص أو جزءا منه .
· - في نهاية الدرس : يمكن أن يشكل وسيلة للتعزيز أو للتقويم، للمراجعة الشخصية، للمقارنة بين المدد ووثائر التطور، أو وسيلة لطرح موضوع الدراسة بكيفية إشكالية.
v ومن شروط نجاح هذا التوظيف مراعاة المحددات التالية:
· - أن يكون للخطوط الزمنية مقياس دقيق وواضح ( ضرورة تناسب المسافات مع المدد التي تعبر عليها ).
· - أن يكون لها ارتباط وثيق بالدرس وتخدم بناء واكتساب مضامينه .
· - أن تكون ملائمة للمستوى العقلي والإدراكي التلاميذ ( وذلك عن طريق وضع تدرج للتعامل معها بين المستويات الثلاث وبين الدورات الدراسية في كل مستوى ).
· - أن تكون بسيطة وخالية من التعقيد وملخصة لمعلومات الدرس الرئيسية.
· - أن تستخدم في الوقت المناسب أثناء الدرس في إطار تحقيق الأهداف الإجرائية المحددة للدرس.
II – في تطبيقية الخـطوط الـزمـنـية :
on. Il doit permettre la construction d’une chronologie qui interprète les faits historiques, au meme titre que la carte propose une intérprètation de données relatives à l’éspace.
1-1 : الــــشــــــروط :
يقتضي التعامل مع هذه المهارة المرور بمجموعة من المراحل / الخطوات حسب النمو العقلي والإدراكي للمتعلم، وهي كالتالي :
1- مرحلة الإستئناس الأولى : خلالها يتعود المتعلم على قراءة وتحديد / موضعة التواريخ والوقائع الهامة في الزمن Lire et placer des faits .
2- مرحلة بناء الخطوط الزمنية بقاييس مختلفة ( في البداية أحداث قريبة من الفترة المعاشة للمتعلم، ثم أحداث بعيدة ). Construire des axes chronologiques à des échelles différentes.
3- مرحلة تجميع الأحداث والتواريخ بعد ترتيبها وتصنيفها بفضل جدول بمدخلين، إذ يصبح الخط الزمني كرونولوجيا بخانات موضوعاتية ومجالية .Laxe chronologique devient une chronologie avec bandes thématiques ou spatiales.
4- مرحلة إختيار موضوع أو أكثر من أجل بناء كرونولوجيا تركيبية Choisir un théme ou des thémes pour une chronologie de synthèse.
1 – 2 : الأهـــــــــــداف :
في نهاية المرحلة الإعدادية، على التلميذ أن يكون قادرا على :
1- قراءة الخط الزمني : التمييز بين الكرونولوجيا و الخط الزمني كرسم تعبيري عن هذا التسلسل الزمني – تعيين/تحديد السنوات ، القرون ، آلاف السنين – تعيين وتحديد الأحداث البارزة والفترات الطويلة – الإجابة على أسئلة مختلف عناوين الخانات – التعليق على ماهو ممثل على الخط الزمني من عناوين ورموز وألوان.
2- بناء وإنجاز الخط الزمني : وضع أو رسم خط زمني – موضعة حدث أو مدة في المكان المناسب على الخط الزمني - إختيار الأحداث والوقائع من أجل بناء تسلسل واضح للأحداث أو كرونولوجيا – تنظيم مختلف الخانات الكرونولوجية – إبراز/ تشخيص ما هو أساسي مما تم توطينه على الخط باستعمال الألوان أو الرموز بمساعدة المدرس الذي يفسر الخط الزمني.
إن التلميذ الجيد هو الذي تكون له القدرة على :
· - القراءة : التمييز بين الأزمنة الطويلة والأزمنة القصيرة .
· - القدرة على تحويل معطيات ومعلومات إلى يوميات calendrier وخطوط زمنية.
· - تحديد وتعيين المدد التاريخية الكبرى ( العصر القديم ، الوسيط ،الحديث ، الفترة المعاصرة ).
· - معرفة الأحداث البارزة والتي تشكل قطيعة بين الحقب التاريخية ( نهاية الإمبراطورية الرومانية ، بداية النهضة ،الثورة الصناعية في أوروبا الغربية، نهاية بداية القرن 20 …).
1 – 3 : مراحل بناء الخط الزمني :
يتم إنجاز الخط الزمني عبر خمس مراحل رئيسية :
1 – المرحلة الأولى : تحديد المقياس الزمني وذلك ب : حساب الزمن المزمع تمثيله ( التمييز بين الماضي البعيد والحاضر والمستقبل ) - تحديد وحدة القياس ( سنوات ، عقود ، قرون …) – قياس طول الخط الزمني على ورقة الإنجاز مع ترك 1 أو 2 سنتم على طرفي الخط ) – تحديد وحدة القياس على الورقة ( مربعات ، ستنيمترات…) - توزيع المدة الزمنية المراد تمثيلها على طول الخط المرسوم- تدوين المقياس على الورقة ( عدد السنوات = عدد السنتيمترات ).
2 – المرحلة الثانية : رسم الخط الزمني : إختيار المكان المناسب على الورقة، إذ ينبغي ترك المجال للعنوان والمقياس والمعلومات التي يمكن أن تسجل فوق أو تحت الخط – رسم خط أفقي على الورقة مطابقا للطول الذي تم تحديده – توجيه الخط الزمني نحو اليسار الذي يمثل المستقبل، بينما تمثل الجهة اليمنى الماضي.
3 ــ المرحلة الثالثة : تحديد / قياس الزمن على الخط وفق المقياس المختار وذلك ب : تقسيم الخط إلى أجزاء تمثل وحدة القياس – وسم الخط الزمني بتواريخ لتسهيل عملية الحساب ( معلم في كل 5 أو 6 أجزاء )- تسمية Titrer الأحداث الرئيسية على الخط.
4 ــ المرحلة الرابعة : رسم / بناء الخانات construire des bandes وذلك ب : إختيار عناوين الخانات تبعا لتوجيهات المدرس ( مختلف الأمكنة أو مختلف المواضيع ) – وضع خانات موازية للخط ( خانة بكل موضوع ) – تسجيل الأحداث الأساسية والضرورية في الخانات المناسبة .
5- المرحلة الخامسة : التلوين : تلوين الخانات بألوان مختلفة قصد إبرازها – وضع عنوان فوق الخط الزمني - تسجيل المفتاح في أسفل الخط الزمني .
1- 4 : ديداكتيكيةقراءة الخط الزمني :
تقتضي قراءة الخط الزمني القيام بالعمليات التالية:
1 – التقديم ، ويتضمن :
· - قراءة المقياس : يعطي فكرة عن المدد الممثلة.
· - قراءة المفتاح ( إذا كان هناك مفتاح ) والألوان.
· - قراءة العنوان : فهو يحدد الموضوع ويوجه عملية البحث، فبواسطته نعرف ما إذا كان الخط الزمني سيمكننا من الحصول على المعلومات التي نبحث عنها .
2 – التحليل : توجهه طبيعة الأسئلة التي يطرحها الأستاذ، وهي أسئلة تنصب عادة على الجوانب التالية :
· - تحديد تاريخ حدث ما ( مثلا إندلعت الثورة الروسية سنة 1917 ) .
· - وضع حدث ما في إطاره التاريخي ( مثلا، تكونت حكومة فيشي خلال الحرب العالمية 2 ).
· - تحديد مدة تاريخية معينة ( فترة الرخاء الأمريكي مثلا دامت 10 سنوات ما بين 1919 و 1929 تاريخ إندلاع الأزمة العالمية ).
· - المقارنة بين فترات تاريخية مختلفة (فترات الحروب والأزمات مثلا دامت أكثر من فترات الإنفراج و الرخاء ).
· - وضع أحداث في إطارها الزمني مقارنة مع أحداث أخرى ( قبل ، بعد ، بداية ، نهاية أو متزامنة )، مثلا : دخلت كل من روسيا وألمانيا وفرنسا الحرب العالمية الأولى قبل الو.م.أ – خروج الإتحاد السوفياتي من الحرب تزامن مع دخول الو.م.أ إليها .
ولكي يؤدي الخط الزمني وظيفته البيداغوجية كاملة ينبغي تلوين الخانات بألوان مناسبة بهدف إبراز مضامينها.
الثلاثاء أبريل 07, 2020 5:01 pm من طرف hassa2008
موضوع: توظيف الخط الزمني في درس التاريخ